إعداد وتقديم: الدكتورة إيمان الموسوي الإخراج الإذاعي: هبة قاسم تشهد العلاقات الأسرية في هذا العصر تحوّلًا عميقًا بفعل التطور التكنولوجي، فقد أصبحت الأجهزة الذكية جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، واحتلت مكانًا محوريًا في تفاصيل الوقت والاهتمام، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على طبيعة الروابط الأسرية، فبدلًا من الجلوس حول مائدة الحوار العائلي، أصبح كل فرد يعيش في عالمه الافتراضي الخاص، منغمسًا في شاشة هاتفه أو حاسوبه، غائبًا جسدًا وحضورًا عن محيطه الأسري، مما أدى إلى تراجع التواصل الوجداني وضمور التفاعل الحقيقي بين أفراد العائلة. لقد أسهم هذا الانغماس المفرط في التكنولوجيا بزيادة العزلة الاجتماعية داخل البيت الواحد، حيث تحوّلت المجالس العائلية إلى صمت رقمي، لا تُسمع فيه سوى نقرات الأصابع على الشاشات، فانقطعت خيوط الدفء العائلي شيئًا فشيئًا، وتراجعت فرص تبادل الخبرات والمشاعر اليومية، كما تضاءلت اللحظات المشتركة التي كانت تجمع الأسرة على مائدة الحديث أو الألعاب أو الأنشطة الجماعية. إن هذا الواقع الجديد يثير تساؤلات جوهرية حول مستقبل العلاقات الأسرية في ظل هذا الزحف التكنولوجي، فهل ستتمكن الأسر من إعادة بناء جسور التواصل؟ أم ستبقى رهينة العوالم الافتراضية التي تقطع أوصال القرب وتزرع بين الأفراد مسافات غير مرئية؟ إن الإجابة عن هذه التساؤلات تفرض علينا وقفة جادة لإعادة التوازن بين الحياة الرقمية والروابط الإنسانية الأصيلة، حفاظًا على كيان الأسرة، وضمانًا لاستمرار دفء العلاقات في زمن الشاشات.